بقلم : ماهر المحمد
في مقالنا السابق عن التنبؤ بالابتكارات تحدثنا عن تعريف الابتكار والتنبؤ وعن أهمية البيانات في التنبؤ بابتكارت جديدة وقد احتوى المقال على النقاط التالية :
1. تعريف الابتكار/ الإبداع
2. تعريف القدرة على الابتكار/ الإبداع
3. تعريف إدارة الابتكار/ الإبداع
4. تعريف التنبؤ/ Forecasting
5. أهمية التنبؤ/ Forecasting
6. وسائل التنبؤ/ Forecasting
يمكنكم مراجعة المقال كاملا من هنا في هذا المقال سوف نشرح بالتفصيل وسائل ومنهجيات التنبؤ بالابتكارات والتي يمكن تصنيفها في خمس فئات:
1. النوعية والاستكشافية: و تتضمن العصف الذهني ومجموعات التفكير ومجموعات الخبراء ومسح السوق وطريقة دلفي والمحاكاة التاريخية لمنتج مشابه والتصور الشخصي
2. السلاسل الزمنية والإسقاطات والتي تعتمد على الأساليب الإحصائية و استقراء الاتجاهات والترندات وكذلك تطوير خوارزميات رياضية يمكنها توقع منتجات جديدة
3. الطرق السببية: يشبه النموذج السببي النموذج الإحصائي ، لكن الاختلاف هو أنه يوفر أيضًا العوامل المسببة للعملية التي يمكن التنبؤ بها. عادة ما يعتمد النموذج السببي على البيانات الإحصائية المتعلقة بالسكان. يتمثل أحد عيوب النموذج السببي في الحاجة إلى افتراض أن التأثير المسبب لن يختلف باختلاف الوقت.
4. التشابهات والمحاكاة مثل تطوير سيناريوهات لمنتجات تحاكي الترندات السائدة أو محاكاة منتج معين وتطوير منتج يتفوق عليه بخصائص معينة كما تفعل شركات الهواتف النقاله ذه الأيام
5. الإجماع : وهو مجموعة عمل من خبراء في مجال معين بحيث يجمع الكل على خيار معين دون رفض أو اعتراض أي من الخبراء تفترض هذه المنهجية أن الإتفاق الشامل بين مجموعة الخبراء يشكل آلية صالحة للتنبؤ
أولا : المنهجيات النوعية والاستكشافية , و تشمل هذه المنهجيات مايلي :
1-1:مسح السوق والزبائن : وتعتمد هذه الطريقة على جمع معلومات عن السوق والمنافسين والزبائن من خلال الاستبيانات والمقابلات ومجموعات النقاش المركزة وبذلك تفترض هذه الطريقة أن الأنماط في السوق يمكن تكرارها في المستقبل وبالتالي يمكن توقع حاجات الزبائن والسوق بناء على المعلومات الحالية . تكمن فائدة هذه الطريقة في نموذج العمل بين الشركات ( شركة مع شركة أخرى) حيث يمكن للشركات الصغيرة التي تستورد أو تشتري من الشركات الكبيرة أن تعبر بطريقة أفضل عن حاجات السوق المستقبلية , أما فيما لو استخدمت هذه الطريقة لمعرفة احتيجات المستخدميين النهائيين فإنها قد تكون محدودة الفائدة لأن الزبائن النهائيين عادة ما يعبرون عن حاجاتهم الحالية أكثر مما يعبرون عن توجهات السوق في المستقبل وبالتالي نفشل بالتنبؤ بابتكارات منافسة في السوق مستقبلا
1-2 العصف الذهني : حيث يقوم فريق البحث والتطوير بالتفكير من وجهة نظرهم في حل مشكلة معينة تواجههم في الوقت الحالي و توقع الحاجات المستقبلية والتنبؤ بالابتكارات القيمة للمستقبل من محاذير هذه الطريقة أنها لا ترتكز على البيانات, وإنما تبني تصوراتها على الآراء الشخصية للمشاركين وبالتالي قد يكون هناك انحياز لمجال الخبرة الحالية واللمنتجات الحالية للشركة أكثر من الميل لخلق افكار افكار مبنية على بيانات آتية من السوق, هذه الطريقة مهتمها الرئيسية إقتراح الحلول من دون تقييم الحل الأفضل
1-3 : مجوعات التفكير المنظمة : وهي مجوعات تفكير وتركيز مصممة ومنظمة تضم ممثلين مختلف الأقسم في الشركة وتستخدم البيانات لفهم المستخدمين والتحديات والافتراضات والفرص بهدف إعادة صياغة وتعريف المشكلات التي تواجههم واقتراح حلول ابداعية للمستقبل , هذه الطريقة فعالة عندما تكون المشاكل معقدة وغير معرفة بشكل واضح بحيث تمكن هذه الطريقة من تحديد المشكلة وجذورها وأسبابها ثم تحويل شجرة المشكلات إلى شجرة حلول , كما ذكرنا سابقا تختلف هذه الطريقة عن العصف الذهني بأنها تستخدم البيانات وكذلك تضمن مشاركة كل أقسام الشركة وليس فقط قسم البحث والتطوير وكذلك تقوم بتقييم الحلول و إختيار الحل الأمثل
1-4: مجموعات الخبراء: تفترض هذه الطريقة وجود مجموعة من الخبراء في مجال معين مثل مجال الطاقة بحيث يعمل هذا الفريق على وضع توقعاته للمستقبل وتعتمد هذه الطريقة على خبرة الخبراء أنفسهم في هذا المجال, أي أن هذه الطريقة أن خبرة الخبراء مثلا في مجال الطاقة كافية للتنبؤ بابتكارات جديدة تتماشى مع حاجات السوق المستقبلية, هذه الطريقة عموما تقدم تصورات بالخطوط العريضة لواقع السوق في المستقبل دون الخوض عميقا في التفاصيل.
1-5: طريقة دلفي :هي الطريقة الأكثر شيوعا وهي مفيدة في حالات عدم وضوح الرؤية في المستقبل أو عندما يكون هناك افق واسع للتنبؤ, وهي طريقة يجتمع فيها مجموعة من الخبراء ليس بشكل فيزيائي مثلا كل خبير من مكتبه أو من مقر عمله أو من منزله بحيث يكون هناك ميسر لهذه المجموعة , يقوم في هذه الطريقة الميسر بطرح استبيان على الخبراء حول توقعاتهم وتنبؤاتهم للمستقبل ومن ثم يلخص نتائج الاستبيان ويعيد مشاركة الاستبيان مرة اخرى مع الخبراء بعد يرفق معه خلاصة نتائج الاستبيان الأول ( من دون مشاركة أسماء الأشخاص) في محاولة منه لتركيز الإجابات ولتقريب وجهات النظر بين الخبراء ويمكن أن يعيد الميسر العملية مرتين على الأقل, بهذه الطريقة يصل الميسر إلى إجابات مركزة حول الابتكارات المتوقعة في المستقبل معتمدا على خبرة كل خبير من الخبراء وكذلك على استفادة كل خبير من اجابات الخبراء الآخرين من دون أن يتأثر الخبراء بالنواحي الشخصيى أو التحالفات بما يضمن الحيادية ومشاركة وتبادل المعلومات
1-6: التنبؤ الحد سي/ الشخصي : وهي تقوم على رؤية شخص ما أو مجموعة صغيرة في الشركة حول المستقبل , وهي تعتمد على خبرة الشخص ذاته ونظرته وتصوره للمستقبل . غالبا ما تلاحظ في الشركات الصغيرة أو الشخصية ولكن ايضا وجدت في شركات كبيرة كما هو حال ستيف حوبز في شركة أبل.
1-7:المحاكاة لتاريخ منتجات مماثلة في السوق: وهنا تفترض وجود منتجات منتجات مماثلة طورتها شركات أخرى وبالتالي تستفيد الشركة من المقالات المنشورة حول تطور هذه المنتجات بحيث تقوم بمراجعة هذه المقالات وتوقع تطور حاجات الزبائن وعيوب تلك المنتجات مما يقود إلى توليد أفكار خلاقة و إبداعية.
ثانيا: السلاسل الزمنية والإسقاطات / الأساليب الإحصائية
في جميع هذه الطرق ، تستند السلاسل الزمنية إلى البيانات والاتجاهات التاريخية ، والارتباطات ، وتحديد الأنماط ، وما إلى ذلك. وعادة ما يتم إجراء تعديلات من أنواع مختلفة لإزالة التشوهات ، والأحداث غير المتكررة ، والحملات ، وما إلى ذلك. مصنوعة باستخدام تقنيات إحصائية مختلفة ,تكمن الصعوبة الرئيسية في استخدام التقنيات الإحصائية في مشاريع الابتكار في نقص البيانات. ومع ذلك ، يمكن استخدام تحليلات الانحدار من خلال تحديد العوامل الرئيسية التي تدفع الطلب على منتج أو خدمة معينة وصياغة تقديرات للطلب المستقبلي من خلال إنشاء بيانات حول هذه الدوافع الأساسية.
على سبيل المثال ، يمكن أن يزودنا تحليل الانحدار بالطلب المقدر لجيل جديد من السيارات (على سبيل المثال الكهربائية) في حالة وجود دوافع الطلب ، والنمو الاقتصادي ، والأسعار بالنسبة للأنظمة المنافسة ، وتطوير أسواق الطاقة ، ودرجة الوعي و تكييف الطاقة النظيفة في المستهلكين وما إلى ذلك.
ميزة هذه النماذج أنها تستند إلى العلاقة بين السبب والنتيجة, ومع ذلك ، ستكون قليلة الفائدة إذا لم نتمكن من معرفة القيم المستقبلية لدوافع الطلب الرئيسية على منتج ما.
2-1: تطبيق النماذج الإحصائية, النماذج الإحصائية تقوم بشكل أساسي بتحليل البيانات التاريخية ، واختيار بعض السمات ، مثل المبيعات ، والمعايير الفنية ، والعوائد الاقتصادية ، وما إلى ذلك ، ويتم تمثيلها كمتغيرات عبر الزمن . نظرًا لأنه يُفترض عمومًا أن التقدم التكنولوجي ليس عشوائيًا وإنما هو عملية تطورية تراكمية ، فمن الممكن إنشاء منحنيات أو أنماط مميزة من البيانات ، وإنشاء تنبؤات بناء على هذه اللبيانات.
2-2: النمذجة الهيكلية/ Structural modeling:النمذجة الهيكلية هي محاولة لتطوير نموذج رياضي أو تحليلي لعملية توليد تقنية جديدة. ويهدف إلى تحديد العناصر الأساسية ، وتحديد الجوانب الوظيفية لتلك العناصر والتعبير عنها رمزيًا أو رياضيًا ، وفي النهاية استبعاد العناصر غير الأساسية والتركيز على العوامل الأساسية التي تقود عملية الإبتكار .
2-3: استقراء الا تجاهات: يعد استقراء الاتجاهات طريقة لربط تطور المنتجات أو الخدمات المختلفة أو التقنيات المتعاقبة التي تؤدي وظائف مماثلة ، ثم تحليل النتائج بطرق إحصائية والتنبؤ بما يحتاجه الابتكار. (Google Sheets VS MS Excel)
ثالثا: الطرق السببية:
يشبه النموذج السببي النموذج الإحصائي ، لكن الاختلاف هو أنه يوفر أيضًا العوامل المسببة للعملية التي يمكن التنبؤ بها. عادة ما يعتمد النموذج السببي على البيانات الإحصائية المتعلقة بالسكان. يتمثل أحد عيوب النموذج السببي في الحاجة إلى افتراض أن التأثير المسبب لن يختلف باختلاف الوقت.
تم إعداد مثال شهير لنموذج سببي من قبل نادي روما وتم نشره في عام 1972 ، (حدود النمو). ويتكون من عشرات المتغيرات ، والتي تشمل عدد سكان العالم ، ومعدل المواليد ، والإنتاج الصناعي والزراعي ، والموارد غير المتجددة ، والتلوث. هناك أيضا أمثلة أخرى على الطرق السببية:
3-1: الانحدار مع المتغيرات المتعددة والارتباط, حيث يأخذ في الاعتبار ارتباط العديد من المتغيرات. بعض الطرق التي شوهدت في تحليل الانحدار في السلاسل الزمنية هي أيضًا سببية.
3-2: نماذج الاستهلاك / المنتج, حيث يتم عمل التوقعات بناء على العلاقة بين الزبائن والاتجاهات أو الترندات في السوق.
3-3:استخدام مؤشرات متقدمة للتنبؤ, حيث يتم استخدام سلاسل إحصائية للمنتجات الأخرى التي تم استخدامها أو توقعها. لقد رأينا شيئًا مشابهًا في استقراء الاتجاهات.
رابعا: التشابهات والمحاكاة
4-1: تطوير السيناريوهات, لا ينتج عن تطوير السيناريوهات تنبؤات بشكل دقيق 100% ولكنه يأخذ في الاعتبار أوجه عدم اليقين أو عدم الوضوح حول منتج ما و كذلك الاتجاهات الحالية فيما يخص هذا المنتج أو منتجات مماثلة ويفترض أن المستقبل قد يختلف بسبب التغييرات المتزايدة أو الثورية ، مما يسمح بإجراء التنبؤات في نطاق من القيم بين حدود هذه التغيرات.
من المهم التأكيد على أنها طريقة جيدة لدمج الأحداث الحرجة التي يمكن أن تحدث و ملاحظة أي تغيير في الفرضيات الأساسية ، والذي يمكن استخدامه لتصحيح التوقعات المستقبلية بناء على التغير في الفرضيات, يمكنك تطبيق العديد من تقنيات التنبؤ في هذا النموذج ، بما في ذلك برامج المحاكاة ، واستخدام "البيانات الضخمة" والذكاء الاصطناعي ، وتحديد المؤشرات المهمة ، وتقنيات الانحدار وما إلى ذلك. يتم استخدامه بشكل خاص في التخطيط طويل الأجل ، وقد تكون المدخلات بيانات كمية أو نوعية.
4-2: الجمع بين مجموعة الأساليب والنماذج مع الممارسة العملية, في هذه الطريقة, إن محاكاة "ماذا لو" ، مع مجموعة من الأساليب الأخرى يمكن أن يؤدي إلى إنشاء خوارزميات جديدة تستخدم في التنبؤ, غالبًا ما يتم استخدام هذا النموذج في مشاريع الابتكار الجذرية/ الثورية ويمكنه استخدام مجموعة من الأساليب مثل التجزئة والنماذج الأولية ومجموعات الخبراء والتجارب في الأسواق الصغيرة . أما بالنسبة لمشاريع الابتكار غير الراديكالية أو التدريجية ، يمكن استخدام مزيج من التعاون مع العملاء ، واستقراء اتجاهات المنتجات أو الخدمات المماثلة والتجزئة.
4-3: طرق القياس أو المحاكاة, تستخدم هذه الطريقة مقارنات بين المنتج أو الخدمة التي سيتم توقعها وبعض السلاسل الزمنية المعروفة أو العمليات الفيزيائية أو البيولوجية. إلى الحد الذي يكون فيه القياس صحيحًا (وتصبح جميع المقارنات غير صالحة في مرحلة ما) ، يمكن استخدام العملية الأولية للتنبؤ بالتطورات المستقبلية لتقنية أو منتج أو خدمة. من الضروري استخدام طريقة القياس بالتفصيل ، ودراسة حالة النموذج والوضع الذي يجب توقعه بتفصيل كبير لتحديد مدى صحة القياس. مثال على هذا النهج هو أحد أنواع تقنيات الإضاءة التي تم استبدالها بأخرى.
خامسا: طريقة الإجماع :
عادة ما يكون التنبؤ بالإجماع هو نهاية ممارسة بعض العمليات ذات المنهجيات والنتائج المختلفة. إنها طريقة تعاونية, حيث يتم إنشاء طرق تعتمد على تبادل النتائج بين الخبراء وفقًا لطرق مختلفة ومن ثم الاجماع على طريقة أو تنبؤ معين. إنه عمل جماعي بين مجموعة من الخبراء يصلون فيه بالنهاية إلى توافق تام حول تنبؤ معين . يحتاج هذا النموذج الى بناء تصورات حول المنتج من منظور عالمي ومنظور شامل يأخذ بعين الإعتبار وجهات نظر مختلفة وليس وجهة نظر فردية, كما يحتاج هذا النموذج الى تحديد الافتراضات والمخاطر وتقييم تأثيرها على السوق والزبائن والمنتج, من ناحية أخرى يحتاج هذا النموذج إلى النظر في كل حالة على أنها استكشاف جديد ، حيث يتم تجميع الخبرات و العمل على التحقق من صحة التوقعات المستقبلية بدقة أكبر. كما ذكرنا هذه العملية تحتاج إلى التوافق التام أو الإجماع بين الخبراء لذلك يجب إعادة العملية في حال عدم التوصل للإجماع على تنبؤ معين إلى أن نصل إلى توافق تام 100% حول تنبؤ معين ومن ثم اعتماده
الخلاصة
كل طرق التنبؤ السابقة هي طرق صحيحة ولا توجد أفضلية مطلقة لطريقة على أخرى, الأمر يعتمد على توفر البيانات والموارد والخبراء والوقت ونوعية التنبؤ فيما إذا كان على المدى الطويل أو المتوسط أو القصير
تعليقات
إرسال تعليق